ألقينا الضوء في هذا البحث على بعض الأُطر التنظيمية وتدابير السياسة العامة التي سيكون لها أهمية كبيرة في مسار التحول إلى الجيل الخامس والاعتماد على هذه التقنية كمنصة انطلاق للاقتصاد الرقمي.

لم تعد شبكة الجيل الخامس مجرد نسخة محدّثة من الجيل الرابع 4G، بل أصبحت تتسم بخصائص جديدة كلياً، مع استجابة أسرع فتحت المجال لابتكار تطبيقات الواقع المعزز، وسعة أكبر عززت التوسع الهائل في مجالات الاستخدام الرقمي، وزمن استجابة أسرع لتسهيل التفاعل الآني المقدم بسلاسة عبر الشبكات الأرضية (الثابتة والمتنقلة واللاسلكية) والشبكات اللاأرضية (محطات HAPS والأقمار الصناعية).

وستشكل هذه التطورات الأساس لعدة استخدامات رقمية مثل المزارع المتصلة وإدارة الأساطيل البحرية الحيوية والصفوف الذكية والعمليات الجراحية عن بُعد والمركبات ذاتية القيادة وغيرها الكثير. ومن الأمثلة على ذلك، قدرة تقنية الجيل الخامس على تحويل عمل المصانع من خلال توفير مستويات جديدة من الأتمتة والتوصيل والكفاءة مع تواصل الآلة مع الآلة (M2M) والصيانة الاستباقية والتحكم عن بُعد والروبوتات التعاونية. وستمثل هذه التغييرات حقبة جديدة تمتاز بإنتاجية أفضل ونماذج جديدة من الأعمال التي تجلب فوائد اجتماعية واقتصادية كثيرة، وتطلق محركات جديدة للنمو. وبرغم ذلك، ما زال الانتشار الحالي لتقنية الجيل الخامس حديث النشأة نسبياً، وغالباً ما يركز على الشبكة المتنقلة المطورة ذات النطاق العريض (eMBB) ونقاط الوصول الثابتة اللاسلكية (FWA)، والتي توفر بشكل أساسي طيفاً ترددياً عريضاً أوسع وقدرة أكبر على الاستجابة، إلا أن المرحلة الجديدة من الجيل الخامس ستوفر مجموعة كبيرة من تجارب الواقع الافتراضي مثل الجمع بين عدة وظائف ودرجة الوضوح العالية والبث الآني للخدمات الإعلامية، كما أن هذه المرحلة ستراقب وتؤثر على جميع الأعمال بدءاً من الأنشطة التجارية وأنظمة المستشفيات وحتى موجودات المصانع والمركبات ذاتية القيادة.

وعلى الرغم من أن المؤشرات الأولية تظهر زخماً كبيراً، إلا أن هناك حاجة إلى مزيد من الاستثمارات في قدرات شبكة الاتصال لتلبية متطلبات معدل الإنتاجية والانتشار ومدة الاستجابة المطلوبة لإطلاق العنان لقدرات الجيل الخامس، إضافةً إلى أن قطاع التكنولوجيا ما زال يواجه العديد من المعوّقات المتعلقة بتمويل طرح الجيل الخامس وتأمين السيولة اللازمة لاستثمارات الطيف الترددي والشبكة الجديدة. ومع استمرار القطاع في البحث عن فرص لخلق مصادر قيّمة جديدة والاستفادة المثلى من البنية التحتية، ينبغي على صانعي القرار والمشرّعين أن يسهموا بشكل ملموس في إطلاق العنان لإمكانيات الجيل الخامس.