English

خدمات رائدة في مدن عالمية

10 فبراير 2014


شارك المقالة
Facebook
Twitter
LinkedIn

تعتمد المدن العالمية المفاهيم "الذكية" لتقديم الخدمات مع مواكبتها للفرص المتاحة والتحديات التي تفرضها ديناميات الاقتصاد العالمي، وذلك بوصفها مراكز ومحاور دولية لجذب الاستثمارات والمواهب. وخلال هذه الجلسة الثرية، ناقش عمد مدن كبرى من حول العالم رؤاهم لمدنهم، ومستقبل الخدمات بها وكيف سيكون لها أثر على حياة المواطنين في مدنهم وما ورائها. كما استعرضت الجلسة أيضاً مستقبل الخدمات الرائدة للمدن العالمية والعلاقة بين توفير الخدمات الحكومية والتنافسية، النمو والتنمية.

وقال أكسيفير ترياس، عمدة مدينة برشلونة الإسبانية، إنه اندهش من كيفية "تحقيق دبي لهذه الإنجازات العملاقة وتبؤها هذه المكانة العالمية المرموقة، ومدى تنوعها الثقافي واستثمارها في التكنولوجيا والابتكار". وبوصفها عاصمة اقتصادية رئيسية وسعيها للتعافي من الأزمة الاقتصادية بخطى سريعة، قال إن اعتماد المفاهيم الذكية لتقديم الخدمات يمثل أهمية بالغة.

كما سلط الضوء على حقيقة أن برشلونة تحولت في هيكلها إلى مدينة مفتوحة وهي تعمل حالياً بنشاط على تعزيز مكانتها كوجهة سياحية عالمية. ونتيجة لذلك، باتت برشلونة اليوم مدينة سياحية من الطراز الأول مع جذبها لنحو 7,5 مليون سائح كل عام. إلا أن برشلونة، ومدن أوروبية أخرى، تواجه حالة من الضعف الاقتصادي الشديد نتيجة الأزمة الاقتصادية التي تشهدها أوروبا في الوقت الراهن، وخاصة منطقة غرب أوروبا. وأوضح: "لقد خلفت هذه الأزمة نسبة غير صغيرة من البطالة وعدم التكافؤ الاجتماعي".

وقال: "إننا مهتمون بتعزيز اقتصاد اجتماعي جديد"، مشدداَ على الحاجة لتمكين وتعزيز ريادة الأعمال الاجتماعية. وللقيام بذلك، فينبغي أن يكون هناك تعاون وتكامل بين المدن، الجامعات والمراكز البحثية. وأضاف: "يعتمد نجاح مدن المستقبل على نجاح عمل هذه القطاعات الثلاثة معاً، ومن بين التحديات الأخرى اللتي تواجهها المدن قضية التوزيع السكاني وكذلك قضايا متوسط العمر".

وأردف بقوله: "ما يتوجب علينا فعله الآن هو تعزيز الثقة وتحسين ملائتنا المالية. كما أنه من المهم بمكان لنا جذب استثمارات أجنبية جديدة وتطوير أنشطة اقتصادية جديدة في المدينة. ولقد نجحنا في تحقيق تنوع قوي من خلال تعزيز قطاعات مثل التجزئة، الصناعات التحويلية والسياحة". وأضاف: "تسعى برشلونة لأن تشتهر ليس فقط بالرياضة وإنما بالثقافة أيضاً. فنحن نسعى لأن نصبح أحد أهم المراكز العالمية للمؤتمرات والمعارض".

من جانبه، قال د. جانسو كيم، نائب عمدة مدينة سيئول، إنه يسهل استخدام كلمة "ذكي" عند الحديث عن التكنولوجيا والمدن، ولكنه من الصعب تعريف كلمة "ذكي" بالتحديد. "وأود هنا التركيز على أهمية استخدام التكنولوجيا، خاصة في ظل صعوبة تعريف ما هية المدينة الذكية. وتشكل الاتصالات أهم جزء في المدينة "الذكية". لإن الاتصال مع الناس هام، وقد كان هذا الأمر هاماً أيضاً حتى قبل ظهور الإنترنت.

وقد أعطى د. جانسو مثالاً لتجربة سيئول في استخدام الحافلات الليلية، وهي مبادرة نتجت عن التفاعل فيما بين المواطنين والحكومة. وتوجه بسؤال حول "كيف تحل البيانات الكثيرة أية مشكلة في مدينة؟" وأجاب بقوله: "لقد بعث طالب للعمدة بتغريدة يسأله فيها – لما لا نوفر حافلات ليلية؟"
وعلى الرغم من بساطة هذا الاقتراح، إلا أنه كان مطلوباً في ظل المشكلة التي كانت تواجه مدينة سيئول، وكذلك عدد الحافلات الليلية والجمهور المستهدف لهذه الخدمة، والذي لا شك من أنه يختلف تماما عن الجمهور المستهدف خلال فترة النهار. وأوضح إن هذا ما دفع البلدية لاستخدام بيانات الاتصالات لمعرفة أية أبراج تقوية لإشارات الهواتف النقالة كانت نشطة خلال فترة الليل، وكم عدد هذه الأبراج التي تنشط ليلاً وأي مناطق تنشط بها.

وفي نهاية حديثه، قال د. جانسو كيم إنه لم تكن هناك شكوى واحدة حتى الآن، علماً بأن رواد الحافلات الليلية الذين يبلغ عددهم 6,000 شخص يومياً يتركزون في مسارات الحافلات التي تم تحديدها وفقاً للبيانات المجمعة من قطاع الاتصالات.

وبدوره حدد السير إدوارد ليستر، نائب عمدة مدينة لندن للسياسة والتخطيط، المدينة "الذكية" كمدينة "توفر الخدمات التي تحتاجها لضمان جودة الحياة لمواطنيها، وكذلك المكاسب الاقتصادية التي تحتاجها لمواصلة تطورها وجعل الناس يرغبون في العيش بها". وقال إن لندن "تعلمت من برشلونة لاستضافة الألعاب الأولمبية. وذلك قد غير من طريقة قيامنا بالكثير من المهام، فقد غيرت الأمن وجذبت الكثير من المتطوعين، الخ. وذكر السير إدوارد أن "المنطق والحكومة لا يتفقان معاً"، فقد كانت لندن تنمو بخطى ضخمة، وكان التحدي المستمر الذي تواجهه هو تلبية الاحتياجات المتزايدة لمدينة كانت تضيف ما يمثل حجم ثاني أكبر مدننا – برمنجهام – إلى لندن كل عقد من الزمان.

وقد ناقشت الجلسة نشر الدراجات الهوائية المتاحة للإيجار في المدن، والتي باتت تلعب دورا ريادياً في تسريع تحولها إلى مدن "ذكية"، بما في ذلك سيئول، لندن وبرشلونة. وقد أجمع المشاركون في الجلسة على أن استخدام الدراجات الهوائية (والدراجات الكهربائية) علاوة على مشاركة السيارات يحتاج لأن يؤخذ بعين الاعتبار في التخطيط المستقبلي ضمن المدن. وأشار السير إدوارد إلى إن لندن "تغير بشكلٍ مستمر الطريقة التي تعمل بها المدينة – وإذا لم نقم بذلك، فلن ننجو كمدينة".

وقال إكسفير ترياس، عمدة مدينة برشلونة، إن المدينة كانت تعالج مشاكل النمو في وقت اتسم بالتحديات الكبيرة والركود الاقتصادي والبطالة، وكان السبيل الوحيد للخروج من هذه المعضلة هو مواصلة العمل، فالنفقات الاجتماعية لا تتعلق بالشق الاجتماعي فقط وإنما تقود أيضاً إلى مكاسب اقتصادية".

وقال إن عملية صنع القرار كانت واضحة للغاية. "فقد كان أول قرار لي هو الحصول على المال اللازم للاستثمار، وهذه هي الطريقة الوحيدة لتشجيع الآخرين على الاستثمار في برشلونة. وهناك الكثيرون من الناس الآن يرغبون في القيام بما تقوم به برشلونة ولندن، وهذا يمنحنا وضعاً جيداً ويعزز من مكانتنا".

كما أشارت الجلسة إلى أنه لا تزال هناك قضايا تتعلق بالخصوصية مع استخدام البيانات الكثيرة، ولكن هذا الاستخدام يعد حتمياً في إطار الجهود المبذولة لجعل المدن "ذكية". وشدد السير إدوارد ليستر على أن اصطلاح "ذكي" لا يتعلق فقط بالتكنولوجيا، ولكن أيضاً بعملية اتخاذ القرار. "فالمدن تتغير بشكلٍ مذهل. وأساليب التسوق تتغير. وباتت المحال التجارية الآن بمثابة صالات عرض بينما تحدث عمليات البيع الفعلية عبر الإنترنت. ولذلك، فإن بحاجة لمزيد من المخازن مع تقليص عدد المحلات التجارية. وكل هذا يحدث بشكلٍ سريع للغاية. ونحن كمدينة نحتاج لأن نتفاعل مع ذلك التغير بسرعة".

وقال أكسفير ترياس أيضاً إن الحكومات تحتاج لأن تكون حذرة للغاية وواضحة للغاية فيما يتعلق باستخدام تلك البيانات. "إذ يتعين على الإدارات أن لا تستخدم تلك البيانات للمنافع الشخصية وإنما للنفع العام. وإلا سيؤدي ذلك للفشل، مشيراً إلى إن أن استخدام البيانات الكثيرة يتعلق بتعزيز الثقة.

واختتم السير إدوارد حديثه قائلاً: "يمكن للبيانات الكثيرة أن تغير طريقة تخطيطنا لمدننا بشكل جذري، وكذلك الطريقة التي نقدم بها خدماتنا في المدينة، مشيراً إلى أنه تم استخدام هذه البيانات في سيارات الأجرة وتم تطوير 450 تطبيقاً تستخدم تلك البيانات في لندن رغم أن هناك بعض البيانات التي لا نسمح بتداولها.