English

بحضور مكتوم بن محمد: القمة العالمية للحكومات تبحث كيف تصنع علوم اليوم تكنولوجيا الغد الابتكار والتطوير في مجال العلوم والتكنولوجيا سيحرك العالم في القرن 21 مسبار الأمل بوابة جديدة للعلوم

08 فبراير 2016


شارك المقالة
Facebook
Twitter
LinkedIn

دبي : بحضور سمو الشيخ مكتوم بن محمد بن راشد آل مكتوم، نائب حاكم دبي، قدم نيل ديغراس تايسون، عالم الفيزياء الفلكية والمؤلف ومقدم البرامج العلمية الشهير محاضرة اكد فيها أن التكنولوجيا التي يتم تطويرها اليوم، ستلعب دوراً أساسياً في تشكيل صورة علوم الغد، وأشار إلى أن ذلك مرتبط بجملة من العوامل على رأسها الاستثمار في البحث والتطوير. جاء ذلك في جلسة رئيسية بعنوان "كيف تصنع علوم اليوم تكنولوجيا الغد" ضمن أعمال القمة العالمية للحكومات التي تعقد برعاية صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، رعاه الله، في دورتها الرابعة تحت عنوان "استشراف حكومات المستقبل"، وتستمر حتى العاشر من الشهر الحالي.

واستعرض الدكتور نيل ديغراس تايسون مدير القبة السماوية "هايدن" في المتحف الأميركي للتاريخ الطبيعي، دور التقدم العلمي في توفير التقنيات التي تجعل المستقبل ممكنا وتتيح التقدم في مختلف مجالات الحياة، وأثر تطور العلوم على حياة البشرية، وقال تايسون العلوم في عالم اليوم والتكنولوجيا في عالم الغد أمران مرتبطان، والسؤال العريض الذي تواجه الحكومات عادة ما هي الميزانية التي يجب أن تخصص للبحث العليمي وما هو العائد الاستثماري المجزي لتلك البحوث".

نمو القطاعات الرئيسية مرتبط بتطور العلوم والتكنولوجيا

وأكد تايسون بأن هناك معادلة مهمة وهي أن الابتكار والتطوير في مجال العلوم والتكنولوجيا سيحرك العالم في القرن 21 فهي جزء رئيسي من محركات اقتصاد المعرفة، وأن الصناعات التقليدية والتجارية والزراعة والإعمار والنقل هي القطاعات الرئيسية تستند اليها عادة اقتصادات الدول ولكنها إذا نمت فبكل تأكيد السبب الرئيسي في ذلك يعود إلى تطور العلوم والتكنولوجيا.

ووضح الدكتور نيل ديغراس بأن أهم الأشياء في تاريخ الحاضرة كانت بسبب الاكتشاف، وضرب مثلاً بالجدول الدوري للكيمياء. منوهاً بأن هناك عناصر عديدة تم اكتشافها مؤخراً وأنه لا يهم من يكتشفها، أي دولة أو أي إنسان على اعتبار أن الإنسانية جمعاء ستستفيد منها، ومشيراً بأن الدول والعلماء الذين يركزون على اكتشاف العناصر الكيميائية يكونون سباقين في بعض الاكتشافات في هذا المجال الحيوي.

وبين بأن العلم فخر، والعلماء مفخرة، معطياً مثلاً بأن دول العالم تفخر بعلمائها وضع صور العلماء على عملتها الورقية كنيوتن وجليليو وسواهم، ومنوهاً بما قامت به كندا حينما استبدلت الصور على عملتها من فئة 5 دولارات من صور لرياضة الهوكي إلى صورة إنجاز فضائي عظيم وأحد أبرز رجال الفضاء.

وموضحاً بأن عملية بناء السمعة العلمية تبدأ بتبني الدول لنهج نشر الثقافة والعلوم، معطياً سؤالاً مفاده من أين جاءت الثقافة بأن ألمانيا هي الرائدة هندسية مثلا؟ ومجيباً بأن ألمانيا انتهجت أسلوباً للترويج لإبراز روح الابتكار والاكتشاف من خلال وضع معادلة رياضيات على عملتها السابقة ووضعت صورة العالم "جاوس"

وأوصلت رسالة إلى الناس بأن الرياضيات مهمة للغاية من وجهة نظر الحكومة.

الحضارة الإسلامية والوضع الراهن

وبين تايسون بأنه كعالم أدرك الدور المركزي التي أدته العلوم العربية في مجالي الفضاء والذرة، وبين بأن ثلثي النجوم تحمل أسماء عربية موضحاً بأنه حاول فهم سبب التسمية ما دفعه للقراءة عن الحضارة العربية الإسلامية.

وأشار العالم الأميركي بأن العديد من الأسماء والمصطلحات العلمية المستخدمة اليوم تعود إلى الحقبة الذهبية للإسلام. موضحاً بأنه لو استمرت الاختراعات والابتكارات للعصر الذهبي إلى يومنا هذا ومع الأخذ بالاعتبار عدد المسلمين، لكان المسلمون حصلوا على كافة جوائز نوبل في القرن العشرين، ولكن ما حصل عكس ذلك، منوهاً بأنه من المؤسف فوز 3 مسلمين فقط بجوائز نوبل للفئات العلمية من أصل 655 فائزاً بالجائزة، وأن 2 منهم في الكيمياء و1 في الفيزياء ولا يوجد أي فائز في الطب ولا الاقتصاد، مؤكداً بأن المكانة العلمية للحضارة الإسلامية تمتلك الكثير لتقدمه للبشرية في حال العمل على تحسين القدرات والإمكانيات.

وبين تايسون بأن الولايات المتحدة الأميركية وصلت إلى مستوى التقدم الكبير نتيجة لاهتمامها الكبير بالعلوم بعد مرحلة الحرب العالمية الثانية،  مبيناً بأن وكالة الفضاء الأميركية ناسا على سبيل المثال لديها العديد من المؤسسات التابعة لها وأن القرن الماضي يعد عصر الأمل التكنلوجي من العام 1960 وما بعد ذلك حيث شهد إطلاق العديد من المؤسسات العلمية المتقدمة مثل وكالة نووا المتخصصة برصد المحيطات والطقس ووكالة حماية البيئة وكلتاهما تأسستا في العام 1970. ومؤكداً بأن بلاده تحتفي بالعلماء حيث قال بأن صحيفة نيويورك تاميز كرمت عملية الوصول على سطح القمر بأكبر عنوان على صدر صفحتنها في تاريخيها.

مسبار الأمل بوابة جديدة للعلوم

وحول زيارته لدبي ودولة الإمارات قال تايسون بأنه يرى في دبي مدينة المستقبل التي حلمنا بها في ستينيات القرن الماضي مؤكداً ضرورة علمها على تعزيز مكانة العلم والعلماء والاستمرار في دعم التكنولوجيا بما يكرس لثقافة الابتكار والاستكشاف عوضاً عن ثقافة الاستهلاك، موضحاً بأعتقاده بأن دبي هي المدينة الوحيدة في العالم التي يمكن أن تبهر أي أحد بغض النظر من أين هو، ومنوهاً بإمكانية استقطاب التكنولوجيا من الخارج ولكن مع ضرورة العمل على بنائها داخليا.ً وأشاد تايسون بمسبار الأمل الذي ستطلقه الدولة بحلول العام 2021 والذي سيمثل بوابة علوم جديدة والتي يمكن أن تؤدي تعزيز أنماط التكنولوجيا والابتكار لعقود مقبله، كما نوه العالم الأميركي باستضافة دبي لمعرض إكسبو 2020 وأنه سيمثل نقطة انطلاق للحركة الثقافية لاشعال عقول الأجيال الجديدة وغرس مبادئ الفخر بالعلم والعلماء في قلوبهم وعقولهم.

كما أكد تايسون بأن العلوم تؤثر على صناعات المستقبل ضارباً مثلاً بالهاتف المحمول وأنه نتاج لتطور تكنولوجيا الفضاء المبنية على عملية تقليص الأحجام والأوزان وهي التي سهلت ضرورة تصغير الأشياء ووزنها لإرسالها إلى الفضاء. ومثال آخر معادلة أينشتان لتي لولاها لما كان هناك اليوم شبكة الملاحة العالمية. وتحدث عن البصريات والدور التاريخي لإبن الهيثم، وتحدث عن تطور الرنين المغناطيسي Mri، وتطور الوغرثيمات التي استخدمت بالليزر، وإمكانية قياس الأبعاد بدقة متناهية لدرجة مكنت العلماء من معرفة أن القمر يبتعد عن الأرض سنوياً بمعدل 4 سانتمترات موضحاً بأنه لولا التكنولوجيا لما عرفنا ذلك اليوم.

عائد كبير على البحث والتطوير

واختتم تايسون جلسته بالتأكيد على معرفة علوم اليوم، ولكن ماذا عن تكنولوجيا الغد؟ مجيباً بأن علم الفضاء هو ما سيسهم في تطوير قطاعات عدة، وموضحاً بأن مختلف العلوم تؤثر اليوم على كافة المجالات، ولا داعي لأن تكون عالماً لكي تستفيد من التطور العلمي، ولكن من الأفضل أن تدعم العلوم وتدعم البحوث موضحاً بأن الكيانات التجارية العملاقة تدعم البحوث والتطوير بمبالغ ضخمة حيث تنفق جوجلوفيسبوك وآبل نسباً كبيرة من دخلها وأرباحها على البحث والتطوير مؤكداً بأنه لولا معرفة القطاع الخاص بالعائد الكبير للبحث والتطوير لما أنفق كل تلك الأموال الطائلة عليه.

وقدم تايسون مجموعة من النصائح كضرورة الاستثمار في البحوث لتأثيرها الإيجابي على مسيرة البشرية، وأنه يجب على الحكومات العمل على ترجمة كافة الكتب إلى كافة اللغات حيث بين بأن القراءة مفتاح كل شيء وهي الأساس لبداية الطريق نحو اكتشاف المستقبل، مختتماً حديثه بالتأكيد على ضرورة الاستثمار في المستقبل.

القمة العالمية للحكومات

ويشارك في القمة العالمية للحكومات، التجمع الأكبر عالمياً المتخصص في استشراف حكومات المستقبل أكثر من 125 دولة حول العالم و3000 مشارك و125 متحدثاً في أكثر من 70 جلسة مختلفة، بما في ذلك كبار الشخصيات، وقادة وخبراء القطاعين الحكومي والخاص في العالم، وصناع القرار، والوزراء، والرؤوساء التنفيذيين، وقادة الابتكار، والمسؤولين والخبراء ورواد الأعمال، وممثلي المؤسسات الأكاديمة، ونخبة من طلاب الجامعات. وسيتم إطلاق مجموعة من المبادرات والتقارير والدراسات خلال القمة، وعلى مدار العام.