English
s

هذا هو مستقبل جوازات السفر

Future of Passports

يستخدم ملايين الأشخاص كل يوم بيانات تنتجها أجسادهم، مثل أصواتهم ووجوههم وقزحيات عيونهم وبصمات أصابعهم، للوصول إلى المكاتب والمواقع الحكومية المؤمنة والخدمات المالية.

 

إلا أن البيانات البيومترية تتمتع بالقدرة على إحداث تغييرات جذرية أوسع، إذ سيكون بإمكاننا قريباً استخدام هويات رقمية لعبور الحدود دون الحاجة إلى جوازات السفر الورقية، التي يُمكن التلاعب بها أو تزويرها أو فقدانها أو سحبها.

 

حقبة القياسات البيومترية

 

على الرغم من المشاكل الحالية لجوازات السفر الورقية التقليدية، إلّا أنّ جوازات السفر الرقمية تحمل في طيّاتها العديد من المخاوف أيضاً. وبدايةً، يشعر العديد من الأشخاص أنّ جواز السفر المادي يُعتبر جزءاً من هوية سفرهم، ويمنحهم شعوراً بالفخر الوطني لا يمكن لمسح الجسم أن يعوضه.

 

ولكن الأهم من ذلك هي المخاوف بشأن أنظمة تخزين البيانات المستخدمة مع جوازات السفر البيومترية. ما مدى أمنها؟ وما مدى ثقتكم بمنح بياناتكم الشخصية لحكوماتكم؟ وما مدى تحكّمكم بتلك البيانات؟

 

ويُشير خبراء أمنيون إلى أنّ جوازات السفر البيومترية ستتيح للسلطات قضاء وقت أقل في التحقق من المسافرين بصورة مشروعة وإيلاء مزيد من الاهتمام للقبض على المجرمين والأشخاص غير المرغوب فيهم.

 

وقد أعلنت الحكومة الأسترالية مؤخّرا عن خطة لاختبار جوازات سفر بيومترية تستخدم تقنية التعرف على الوجوه وقزحية العين وبصمات الأصابع.

 

إطلاق إجراءات لا تلامسية للمسافرين

 

تهدف التجربة إلى استبدال جوازات السفر الأسترالية بتقنية متقدمة للتعرف على السمات البيومترية التي ستوفر نظاماً تلقائيّاً للمعالجة الذاتية لإجراءات 90% من المسافرين.

 

ومن المقرر البدء بتنفيذ الخطة التجريبية في مدينة كانبيرا الأسترالية في يوليو 2017، حيث ستنضم مطارات أكبر إلى هذه الخطة بحلول نوفمبر وسيتم تنفيذها بشكل كامل بحلول مارس 2019.

 

ووقّعت الحكومة عقداً بقيمة 22.5 مليون دولار أسترالي (18 مليون دولار أمريكي) مع شركةٍ لبناء حوالي 100 "جهازٍ رائدٍ عالمياً للتخليص التلقائي اللا تلامسي لإجراءات المسافرين الذين يصلون مطارات أستراليا".

 

وتطمح الحكومة إلى الاستغناء بالكامل عن "البوابات الذكية" أو المقصورات المزودة بالموظفين حيث يتم مسح أو فحص تفاصيل جوازات السفر، إذ يكفي أن يمر معظم المسافرين في الممر بكل بساطة. 

 

وقال بيتر دوتون، وزير الهجرة الأسترالي أنّه سيُسمح للأجانب في نهاية المطاف بالمشاركة في الخطة.

 

لم تنجح تقنية بصمة العين كما يجب...

 

لكن أستراليا ليست أول دولة تقوم باختبار جدوى جوازات السفر البيومترية.

 

إذ تم تشغيل نظام عرف باسم "نظام التعرف عبر قزحية العين" في مطار سخيبول بأمستردام و10 مطارات بالمملكة المتحدة بين عامي 2004-2013، مما سمح للمسافرين بشكل دوري بالمرور عبر نقاط المراقبة الحدودية باستخدام تقنية مسح قزحية العين وحدها.

 

وتم الاستغناء عن ذلك النظام لصالح نظام يقوم بتسجيل بيانات مخزنة في رقاقات مصغرة داخل جوازات السفر، إذ نتج عن مسوحات قزحية العين نتائج إيجابية زائفة، مما يعني أنه توجّب على المسافرين الوقوف في الطوابير؛ إضافة إلى التكلفة الباهظة للنظام.

 

ويتم حالياً استخدام مجموعة مختلفة من القياسات البيومترية في عدة دول، بما في ذلك كندا والإمارات العربية المتحدة، نظراً لما أحرزته هذه التكنولوجيا من تقدم.

 

لكن السؤال الأكبر الذي يواجه هذه التكنولوجيا هو كيفية استجابة الأفراد لقيام وكالات حكومية، مثل إدارات الشرطة والهجرة، بمعالجة بياناتهم الشخصية الأكثر قيمة.

 

دولة إلكترونية

 

يُعتقد أنّ التعاملات الرقمية "بلوك تشاين"، وهي التكنولوجيا المستخدمة في العديد من العملات المشفرة، تقدم إحدى الحلول المحتملة لمعضلة الخصوصية، حيث يقول الخبراء إن اختراقها أصعب مقارنة بالبرامج الأخرى.

 

وتتصدر إستونيا هذا المجال لتكون أول دولة رقمية، حيث يتم حاليا حفظ جميع السجلات والبيانات الوطنية الهامة، بالإضافة إلى السجلات الطبية والتعليمية، عبر تقنية التعاملات الرقمية "بلوك تشاين" التي تقوم بتشفير والتحقق من كل حدثٍ ضمنها. ويملك المواطنون هويات إلكترونية يستخدمونها للوصول إلى المنافع ودفع الضرائب على سبيل المثال. 

 

وتمّ تطوير النظام استجابة للمخاوف المتعلقة بهجوم إلكتروني على الأصول الرقمية للدولة وتعطيل الحياة الطبيعية، كما حدث في عام 2007.

 

وعلى الرغم من نجاح العديد من الهجمات التي طالت العملات المشفرة، فإن معظمها كان ناجماً عن قدرة المجرمين على الوصول إلى عمليات التبادل بدلاً من تعطيل التعاملات الرقمية "بلوك تشاين".    

 

هل يمكن اختراق تقنية التعاملات الرقمية "بلوك تشاين"؟

 

يمكن نظريّاً اختراق تقنية التعاملات الرقمية "بلوك تشاين" إذا تمكّن القراصنة الرقميون من السيطرة على أكثر من 50% من "معدّل الدالة (hash rate)"، وهي الطاقة الحاسوبية التي تدير النظام.

 

ويشير بعض الخبراء إلى أن هذا يمثل نقطة ضعف يمكن استغلالها مع بروز الحواسيب الكمّية، التي يمكن أن تؤدي المهام أسرع بمراحل من البرامج التقليدية، ويحتمل أن تقوم بفك تشفيرات تقنية التعاملات الرقمية "بلوك تشاين".

 

وإذا رغبت الحكومات بتطبيق أنظمة الهويات البيومترية، ستحتاج الهيئات الحكومية إلى التأكد من أن أنظمتها آمنة وتحظى بثقة المواطنين، إضافة إلى قدرتها على توضيح الجهة المسؤولة، وكيفية حماية الأفراد، في حال وقوع خلل.