English
s

كيف يُمكن للأفكار البسيطة أن تحل تحديات عالمية

Small IDeas

من شأن الأفكار البسيطة أن تكون أكثر فعالية من السياسات رفيعة المستوى، حين يتعلق الأمر بخلق فرص عمل جديدة وتحقيق أهداف الأمم المتحدة للتنمية المستدامة. هذا ما توصل إليه الخبراء الذين ناقشوا أساليب تحقيق أهداف التنمية المستدامة خلال القمة العالمية للحكومات لعام 2018 في دبي.

 

وأشارت إحدى مجموعات الخبراء، التي بحثت في إمكانية تنفيذ الهدف التاسع من أهداف التنمية المستدامة الداعي للاستثمار في البنى التحتية لدفع عجلة النمو الاقتصادي، إلى أنّ الاستثمار في مشاريع البنية التحتية الضخمة لتحقيق أهداف التنمية المستدامة ليس سوى إهدار للوقت والمال إن كان بإمكان الجهود على نطاق أصغر أن تحقق الأهداف ذاتها بتكلفة أقل وبشكل مستدام.

 

وقالت ماري فلاناغان، البروفيسورة في الآداب الإنسانية الرقمية في جامعة دارتماوث بالولايات المتحدة التي عرضت نتائج مجموعتها النقاشية أمام القمة: "لقد قررنا أن نتبنّى مُقاربة جريئة".

 

وأضافت أنّ رؤية المجموعة تمثّلت في إنشاء منظومة مستدامة ومفتوحة للبنية التحتية والصناعة في وقت يشهد تغييرات كبيرة نتيجة الثورة الصناعية الرابعة. وأردفت بقولها: "أردنا اقتراح أن يكون لدينا بحلول عام 2020 نحو 2,200 ابتكار مستدام في مجالات النقل والصناعة وغيرها. وستكون هذه الابتكارات نماذج يُحتذى بها ويمكن للمجتمع أن يشير إليها ويقول ’هناك إمكانية لتطويرها، وهناك إمكانية لتحريكها‘".

الوصول إلى المجتمعات النائية

 

أوضحت فلاناغان أنّ الفكرة تتمثل في خلق نماذج صغيرة لاختراعات أو تطبيقات يمكن اختبارها ومراقبة نتائجها على مدى عامين، ومن ثم يمكن دعمها بحيث يتم تطوير الأفضل من بينها وتعميمه.

 

وقد تكون هذه الاختراعات صغيرة وذات طابع تكتيكي يستند إلى احتياجات السكان المحليين. وأضافت بعد انتهاء الجلسة قائلة بأنّ إحدى الابتكارات المُمكنة هي الألواح الشمسية القابلة للطي أو شبكات الإنترنت الجوالة المُدمجة في حقائب الظهر. ومن شأن هذه الابتكارات أن توفر الطاقة والاتصالات للمجتمعات النائية في دول مثل بورتوريكو.

 

كما توجد هناك إمكانية لنشر مثل هذه الابتكارات في أوقات النزاعات، مثل حالات اللجوء أو الكوارث الطبيعية؛ بينما توفر في الوقت ذاته بديلا مستقبليا لأساليب تنفيذ مشاريع البنى التحتية.

 

كبح التدفُق

 

خلال جلسة نقاشية عن الهدف الرابع عشر من أهداف التنمية المستدامة، وهو حفظ المحيطات بشكل مستدام، طُرحت مسألة الحاجة إلى أن يعمل المزودون الكبار والصغار سوياً لتحقيق هذه الأهداف.

 

وقال بيتر طومسون، مبعوث الأمم المتحدة الخاص لشؤون المحيطات، إنه كان لا بدّ من وجود شراكات للحد من المواد البلاستيكية وغيرها من الملوثات التي تصل إلى بحار العالم، وبالإمكان تنفيذ هذه الشراكات على مستويات مختلفة ومن قبل منظمات من كافة الأحجام.

 

وتابع بالقول إن هذه الحاجة كانت جلية جدا في أماكن مثل فيجي، حيث تهطل الأمطار الغزيرة على الغابات والمناطق المأهولة وتجرف معها المخلفات البشرية والصناعية لتأخذها عبر نظام الصرف الصحي وتوصلها إلى البحر.

 

وأضاف قائلاً: "يوجد حل قابل للتطبيق لمشكلة التلوث البلاستيكي الناتج عن حمل الأنهار للمواد البلاستيكية والنفايات من المكبات إلى داخل المحيطات. فهناك تكنولوجيا تتمثل في تركيب حواجز نهرية تجمع المواد البلاستيكية قبل وصولها إلى المحيطات. وبإمكان الشركات الخاصة والدول على حد سواء أن تنفذ هذا الأمر".

 

حشد الأفكار

 

من جانبه أوضح وزير التخطيط والتعاون الدولي في الأردن، السيد عماد فاخوري، في إشارته إلى الهدف الثامن (تحقيق النمو الاقتصادي المستدام وتوفير العمل اللائق للجميع) بأنّ هناك حاجة إلى نقلة نوعية جديدة لخلق فرص عمل مستدامة ومجدية للمستقبل؛ إذ تُتيح هذه النقلة إشراك الشركات الصغيرة لتساهم في إيجاد الحلول.

 

وقال: "لقد شعرنا بأنّ الطرف الأضعف من بين الأطراف المعنية بتحقيق أهداف التنمية المستدامة هي الشركات الصغيرة ومتوسطة الحجم، خاصة عندما تقارَن بما تحققه الحكومات والشركات الكبرى". وبالتالي دعا إلى إنشاء منصة يمكن من خلالها إشراك الشركات الصغيرة بشكل أكبر في تحقيق الأهداف التنمية المستدامة. كما أكّد على أهمية هذه المسألة أثناء سعي العالم لخلق فرص عمل للشباب المُبتكر، مع قيامه في الوقت ذاته بتطوير نماذج جديدة للنمو عوضا عن النماذج القديمة.

 

من جهتها قالت فلاناغان إن إحدى طرق التقدم تتمثل في حشد الأفكار من جيل الشباب والطلبة والشركات الصغيرة للمشاريع الهندسية، التي قد تتصدى للتحديات التي ستواجهها البشرية خلال الأعوام القليلة القادمة، مثل توليد الطاقة المستدامة. وقالت: "لا بدّ أن تتغير الأنظمة، وعلينا أن نجد طرقا جديدة لتوفير الطاقة المستدامة على نطاق صغير، عوضاً عن مشاريع شبكات الطاقة العملاقة".

 

وستكون هذه المشاريع الصغيرة بمثابة تذكير بأنّ بإمكان الأفكار البسيطة أن تغيّر العالم بذات القدر الذي تقوم به المبادرات العالمية.