القمة العالمية للحكومات تطلق تقرير التحولات المطلوبة لإنجاح الفعاليات الكبرى ما بعد "كورونا"
ودعا التقرير إلى إعادة رسم السيناريوهات المستقبلية لآليات إدارة المدن للفعاليات الضخمة في المستقبل، تحسباً لأي طارئ يواجه هذا القطاع الذي تصل قيمته إلى ما يقارب تريليون دولار سنوياً، مشيرا إلى أن الدروس المستفادة مما تعرضت له فعاليات مثل "الأحداث الأولمبية، أو الحج، أو المؤتمرات الاقتصادية بسبب الجائحة، تحتم زيادة الاعتماد على الحلول التقنية الذكية.
وشدد التقرير على أن الأحداث الضخمة تحتاج الى المزيد من المرونة لتتمكن من الاستمرار في حقبة ما بعد "كوفيد 19"، مع اتباع نهج فعال وأن تصبح المدن المضيفة والمخططين ديناميكيين وسريعين ورشيقين في عملية التخطيط، ما يضمن قدرتهم على تقديم مزيج من التجارب الواقعية والافتراضية.
وأشار التقرير إلى أن استخدام التكنولوجيا سيكون أداة رئيسية لإطلاق وصناعة الأحداث الضخمة بأفضل مزيج من القدرة والتأثير والسلامة للمدن والدول المضيفة، وأن تقنيات الثورة الصناعية الرابعة ستتمكن من تحويل الأحداث الضخمة، وتوفير المرونة التي تشتد الحاجة إليها لمطابقة أهداف الحدث مع النتائج الاجتماعية والاقتصادية والاستدامة المثلى لسنوات مقبلة.
وأكد محمد يوسف الشرهان نائب مدير مؤسسة القمة العالمية للحكومات أن القمة العالمية للحكومات عززت موقعها العالمي منصة للمعرفة الحكومية، التي تسهم في تعزيز مرونة واستعداد الحكومات لمختلف التحديات المستقبلية، ودعم عملها في وضع خطط استباقية تمكّنها من عبورها بسهولة وسرعة والاستفادة من الفرص التي تقدمها.
وقال إن العالم يشهد تحولاً سريعاً نحو إقامة الأحداث الكبرى والفعاليات الضخمة التي تحتاج إلى تبني تغييراً محورياً في نماذج الأعمال الحالية، وتعزيز استخدامات التكنولوجيا وتطوير السياسات الحالية، والاستراتيجيات المختلفة للوصول إلى أفضل سيناريو لصناعة الحدث المستقبلي.
من جهته، قال حازم جلال الشريك والقائد العالمي لقطاع المدن والحكومات المحلية في "بي دبليو سي" ومعد التقرير: "في عالم ما بعد كوفيد-19، ستتطور الأحداث الضخمة باستخدام التقنيات التي تقدم تجارب غنية وآمنة ومخصصة. ستقدم الأحداث الضخمة في المستقبل تجارب مادية وافتراضية تكافئ بنفس القدر اعتمادا على نوع الحدث وخيارات المشاركين".
وحسب التقرير فإنه يتوقع بحلول عام 2030 أن تكون الأحداث التي تجمع بين التجارب الشخصية والافتراضية، هي الأساس بالنظر إلى التحول إلى الأحداث الافتراضية أو الهجينة بالكامل خلال الجائحة، حيث تجلب الأحداث الضخمة دفعة فورية للمدينة المضيفة أو اقتصاد الدولة وتجذب الزوار وتسهم في توليد فرص عمل، كما أنها تسهل الاستثمار في البنية التحتية، فضلاً عن تعزيز العلامة التجارية للدول.
وذكر التقرير أنه يمكن لهذه الأحداث أن تضيف معالم جديدة إلى تجارب الدول المستضيفة، من خلال تحويل الأماكن التي احتضنتها إلى مراكز جذب سياحي بعد الحدث، مشيرا إلى أن الآثار الكبيرة التي أحدثها "كوفيد-19" في مجال الأحداث الكبيرة تتطلب تغييراً شاملاً في صناعة الأحداث والفعاليات الكبرى.
وأكد أهمية أن يتكيف المخططون للأحداث الضخمة مع التحديات والتغييرات، وأن يتحلوا بمرونة أكبر، خصوصاً في ظل احتمال أن تصبح الأحداث الهجينة هي الأساس بحلول عام 2030.
وأوضح التقرير أن الطريقة التي أقيمت بها الأحداث والفعاليات الكبيرة قبل "كوفيد-19" لن تعود بالضرورة، وأن على المنظمين التخطيط لمستقبل هجين، وأشار إلى 3 خيارات رئيسية للمدن المضيفة للأحداث الضخمة.
وحسب السيناريو الأول فإن المدينة المضيفة تتابع الفعالية كما هو مقرر لها لكن مع فرض قيود على السعة الاستيعابية واتباع إجراءات تشغيل أكثر صرامة لتقليل التحديات، ويرى التقرير أن هذا السيناريو محفوف بالتحديات الاجتماعية، لكنه يحتفظ بأقصى تأثير على الاقتصاد، ويعطي الأحداث فرصة للمضي قدماً، مثل موسم الحج عام 2020، حيث اتبعت المملكة العربية السعودية نهجا منفتحا بحذر، وجعلته مقتصرا على 1000 شخص، مقارنة بـ 2.5 مليون شخص عام 2019، وكان ارتداء القناع إلزاميا والمسافة الجسدية 1.5 متر بين المصلين، ثم في عام 2021، اقتصر الحج على 60 ألف حاج، بشرط أن يكونوا حصلوا على جرعتي لقاح لفيروس كورونا وأن يكونوا بين سن 18 و 65، وخالين من أي مرض مزمن.
وأشار السيناريو الثاني إلى أن المدينة المضيفة تمضي في الحدث بقيود كبيرة، إضافة إلى تقديم عرض افتراضي معزّز، أما الآثار المترتبة على ذلك فهي إيجابية عموماً، إذ توفر الحد الأقصى من الترفيه وتعزز الوصول الشخصي والافتراضي للفعاليات وينوّع خيارات المشاهدين، وحدد التقرير معرض "إكسبو 2020 دبي" كنموذج لهذا السيناريو، حيث اشتركت 2500 جهة ومؤسسة من وكلاء السفر عبر الإنترنت ومنظمي الرحلات السياحية ومجموعات الفنادق وشركات الطيران كبائعين معتمدين للتذاكر ما يجسد الثقة التي يتمتع بها كل من منظمي الأحداث والزوار في هذا الحدث العالمي بمساعدة معدلات التطعيم المرتفعة، والتي سمحت لدبي بالانفتاح على السياح، مع استخدام المخططين للوقت الناتج عن تأجيل الحدث، للعمل على تحسين التجربة الافتراضية.
ويركز السيناريو الأخير على أن تجعل المدينة المضيفة الحدث المجدول افتراضياً بالكامل، ومن نتائج هذا السيناريو أنه الأكثر أماناً والأكثر مواءمة للبيئة بسبب انخفاض معدل السفر، ولكنه غير فعال في الألعاب الرياضية أو الأحداث الدينية، ويقدم مخاطر جديدة يجب التخفيف من حدتها، من خلال تدابير الأمن السيبراني القوية، مثل "المنتدى الاقتصادي العالمي" حيث عُقد اجتماع أجندة دافوس الافتراضي في يناير على مدار خمسة أيام لتسهيل الوصول إلى جمهور أوسع، وقد طرح المنتدى خيار العضوية الرقمية لأول مرة وقد يكون هذا خياراً دائما للأحداث المستقبلية.
وأشار التقرير إلى أنه سواء كان يتم التعامل مع حدث ضخم له تاريخ طويل قاطعه الوباء أو إطلاق حدث جديد، فإن تقييم النهج الصحيح قد يبدو أمراً شاقاً، وهناك بعض السوابق التي يمكن الاستناد إليها من تجارب الأوبئة السابقة على سبيل المثال، تمكن التعاون الدولي من عقد دورة الألعاب الأولمبية الشتوية في فانكوفر 2010 أثناء جائحة H1N1، ودورة الألعاب الأولمبية في ريو 2016 أثناء تفشي فيروس "زيكا".
وأوضح التقرير أن هناك تقنيات يمكن تطبيقها بشكل مفيد إذا تم دمجها بالطريقة الصحيحة، بخصوص التحديات الأساسية الثلاثة وهي: إدارة الحشود، والصحة العامة، والأمن المادي والسيبراني، داعياً إلى تطوير الاعتماد على الحلول الذكية مثل برامج التعرف على الوجه ومستشعرات إنترنت الأشياء /لتتبع كثافة الحشود عبر مكان ما/، أما حلول التكنولوجيا للصحة العامة فتتضمن لوحات معلومات البيانات لجمع بيانات الصحة العامة في الوقت الفعلي، وتحديد الحالة على أساس الأعراض والوصول الواسع إلى الاختبار المجتمعي والاختبار الذاتي، مع أتمتة وتسريع الإبلاغ إلى قواعد بيانات الصحة العامة.
وبين التقرير أن المخططين للأحداث سيحتاجون إلى التفكير في دمج تدابير الأمن السيبراني والأمن المادي، بالنظر إلى أن الرقمنة موجودة في كل من العالم الواقعي والافتراضي، حيث يعد الأمن السيبراني أمراً بالغ الأهمية لأي نظام موجود على الإنترنت والذي يتعلق بكل نظام موجود اليوم.