يمكن للأمريكيين البدء بتحصيل كامل شيكات استحقاقات التقاعد، في إطار نظام الضمان الاجتماعي، حين يبلغون 67 عاماً، أي أكبر بسنتين من عمر أهاليهم حين حصّلوها، نظراً لتغيير سن التقاعد في القانون الاتحادي الصادر عام 1983.

مع ذلك، فإن الجيل الحالي الذي يمر بمرحلة ما قبل التقاعد يعاني من مشاكل صحية وقيود على الخدمات الصحية أكثر من تلك التي كان يعاني منها الجيل الذي سبقه عندما بلغ أبناؤه أواخر الخمسينات من عمرهم.

وتشير النتائج إلى أن العمال الحاليين الأكبر سناً سيواجهون تحديات أكبر من تلك التي واجهها أسلافهم، نظراً لأنهم يواصلون العمل، أو يبحثون عن عمل، أو يتقدمون بطلب للحصول على مدفوعات الضمان الاجتماعي الخاصة بالعجز، أو يحاولون التقاعد على دخل آخر على مدى العقد المقبل.

وتترتب على هذه النتائج أيضاً آثارٌ على أي مقترحات لتغيير سن التقاعد في الضمان الاجتماعي، حيث تزيده لدى الأشخاص الذين بلغوا خمسينات عمرهم، بهدف تعزيز الميزانية الاتحادية.

وقال هوا جونج تشوي، بروفيسور مساعد باحث في الطب العام بكلية الطب في جامعة ميشيغان ومؤلفٌ رئيسي لدراسة "الشؤون الصحية" (Health Affairs): "توصّل باحثون آخرون إلى توجهات مماثلة فيما يتعلق بصحة الأمريكيين في الخمسينات أو الستينات من عمرهم، إلّا أن هذه الدراسة تعتبر الأولى من نوعها التي تركز بشكل خاص على مجموعات أو فئات عمرية من الأميركيين في مرحلة سن التقاعد في إطار نظام الضمان الاجتماعي، والذي تترتب عليه آثار محددة للسياسات".

من جانبه قال روبرت شويني، المؤلف المشارك والخبير الاقتصادي والديموغرافي: "توصّلنا إلى أن الفئات العمرية الأصغر سناً تواجه أعباءً صحيّةً إضافية ويتوجب عليها العمل حتى سنٍّ أكبر للتقاعد، ولذلك سيتوجب عليهم العمل بحالة صحية أضعف".

هذا ونشر تشوي وشويني في العام الماضي ورقة بحث تتناول قيوداً متعلقة بالصحة لدى الأشخاص في أواخر الخمسينات والستينات من عمرهم بين عامي 1998 و2012. وأظهرت ورقة البحث أنه على الرغم من التوجهات مستقرة إلّا أن الأشخاص الذي يحظون بتعليم أقل ومشاكل اقتصادية تتعلق بالكساد الكبير كانو يعانون من صحة أكثر تردياً.

عبر العقود

واستخدمت ورقة البحث الجديدة بيانات من دراسة عن الصحة والتقاعد ممولة من قبل المعهد الوطني للشيخوخة في معهد الأبحاث الاجتماعية، ومن المسح الصحي الوطني الذي تديره مراكز السيطرة على الأمراض والوقاية منها.

ويرجع تاريخ هاتين الدراستين إلى عدة عقود وتوفّر بيانات معمّقة عن أشخاص من مختلف الفئات العمرية، أي أنها تتيح رصد فئات عمرية مختلفة في أوقات مختلفة.

وفيما يتعلّق بالدراسة الحالية، قام الباحثون بتصنيف الأمريكيين الأكبر سنّاً ضمن خمس فئات عمرية تتضمن: الأشخاص الذين يمكن أن يستلموا كامل المزايا التي يوفرها الضمان الاجتماعي بعمر 65 لأنهم وُلدوا عام 1937 أو قبل ذلك، والأشخاص الذين وُلدوا في الفترة ما بين 1938-1942 الذين يمكن أن يطالبوا بالمزايا في وقتٍ ما من العام الذي يصبحون فيه بعمر 65، والأشخاص الذين وُلدوا في الفترة ما بين 1943-1954 الذين يمكن أن يطالبوا بالمزايا بعمر الـ66، والأشخاص الذين وُلدوا في الفترة ما بين 1955-1959 الذين يمكن أن يطالبوا بكامل المزايا التي يوفرها الضمان الاجتماعي عندما يبلغون الـ66 أو 67، والأشخاص الذين وُلدوا في الفترة ما بين 1960-1962 الذين يمثّلون مجموعة يتوجب عليها الانتظار حتى عمر الـ67 للحصول على كامل المزايا التي يوفرها الضمان الاجتماعي.

وفيما يلي النتائج التي تمّ التوصل إليها:

• غالباً ما يمتلك الأشخاص الذين ولدوا في وقت لاحق، والذين يتوجب عليهم الانتظار لفترة أطول للحصول على كامل المزايا التي يوفرها الضمان الاجتماعي، معدلات أعلى من ضعف الإدراك، مثل ضعف الذاكرة والقدرة على التفكير، في خمسينات عمرهم مقارنة بالفئات العمرية الأخرى في مرحلة عمرية مماثلة.
• عندما طُلب من الأشخاص الذين ينتمون إلى الفئات العمرية الأحدث، المصنفة في خمسينات عمرهم تقريباً، تقييم حالتهم الصحية، قال الكثير منهم إنهم في وضع صحيّ مقبول أو سيئ، مقارنة بنسب مئوية أقل في الفئات الخمسينية الثلاث التي سبقتهم.
• لم تكن هنالك فروقات قوية بين المجموعات من حيث الوظائف البدنية مثل القدرة على صعود الدرج دون استراحة أو رفع 10 أرطال أو المشي لمسافة عدة أبنية.
• برزت اختلافات كبيرة من الناحية الصحية بين الأشخاص الحاصلين على مستويات تعليمية مختلفة، وهو ما يعكس النتائج التي أظهرتها دراسات أخرى. على سبيل المثال، أفاد نحو 25% من الأشخاص الذين توجّب عليهم الانتظار حتى سن 66 عاماً للمطالبة بكامل المزايا التي يوفرها الضمان الاجتماعي، ممن تلقّوا تعليماً يقلّ عن 12 عاماً، بوجود إحدى هذا القيود على الأقل فيما يتعلق بالحياة الصحية عندما كانوا في منتصف الخمسينات من عمرهم. أما بالنسبة لأولئك الذين حصلوا على تعليم لفترة تتجاوز 12 عاماً وكانوا في نفس مجموعة المطالبة (66 عاماً)، فقد أفاد نحو %7 فقط بوجود واحد على الأقل من هذه القيود. وكان الذين توقف تعليمهم في المدرسة الثانوية في الوسط.

هل يشير ذلك لتفاقم عدم المساواة؟

أجريت التغييرات المتعلقة بالضمان الاجتماعي في سنّ التقاعد عندما كان الأشخاص الخمسينيون والستينيون حاليا في العشرينات أو الثلاثينات من عمرهم. وفي ذلك الوقت، توقّع الخبراء الديموغرافيون أن هؤلاء الأشخاص سيعيشون معدلات فترات حياة من جيل آبائهم.

وقال تشوي: "لقد كانوا يركزون على العمر المتوقع، لا على نسبة الحالات المرضية، وافترضوا ضمنياً أن التحسينات في مجال الحد من الوفيات سترافقها تحسينات مماثلة في الصحة والحالات المرضية".

وقال شويني: "وبما أنهم وصلوا الآن إلى سنّ التقاعد، فقد بتنا ندرك الأوضاع الصحية التي آلوا إليها، وهي لا تشكل وضعا أفضل؛ حيث أن بعض جوانب حياتهم الصحية باتت أسوأ من الذين سبقوهم".

وأضاف قائلاً: "فيما يناقش صانعو السياسات رفع سقف سنّ التقاعد، تشير هذه الدراسات إلى أنه يتوجب علينا، إن أردنا فهم الفوائد والتكاليف الشاملة لسياسة كهذه، إدراك إمكانية أن يؤدي رفع سقف سنّ التقاعد إلى تعزيز فجوة عدم المساواة بين الفئات العمرية التي ولد أفرادها بفارق بضعة أعوام فقط، لأن الفئات الأكثر شباباً قد تواجه تحدّياتٍ أكثر للعمل بعد سنّ الـسابعة والستين".

وفيما يتعلّق بالأشخاص الذين يعتمدون على الضمان الاجتماعي لمعظم أو كامل دخلهم التقاعدي، فغالباً ما تكون مستويات تعليمهم أقل، وتكون المهن التي يعملون بها قبل التقاعد أكثر تطلّباً لمجهودٍ جسدي، مما يزيد من صعوبة العمل حتّى سنٍّ أكبر. ويمكن أن ترتفع طلبات استحقاقات العجز في الضمان الاجتماعي أيضاً بين أفراد هذه الفئة، مما يزيد من الطلب على الميزانية العامة للضمان الاجتماعي.

ويمكن أن تشكّل الصحة اختلافاً رئيسياً في قرارات الأشخاص المتعلقة بالتوقف عن العمل بمجرد وصولهم إلى عمر التقاعد الخاص بالضمان الاجتماعي. وقد يرغب أو يحتاج العديد من الأشخاص إلى مواصلة العمل للحصول على مدفوعات بعد بدئهم بتحصيل مستحقات الضمان الاجتماعي، وتشير بعض الدراسات إلى أن العمل قد يكون مفيداً للصحة، ولكّن في حال عدم تمتعهم بصحة جيدة فقد لا يتمكنون من القيام بذلك.