إيلون مسك: العالم يحتاج إلى الدخل الأساسي العالمي للأسباب التالية
أشار رائد التكنولوجيا إيلون مسك إلى أن تقديم الدول دخلا أساسيا لمواطنيها للحد من التفاوتات الاجتماعية، سيكون نتيجة حتمية للأتمتة عالية التقنية.
وقال مسك، مؤسس "سبيس إكس" والرئيس التنفيذي لشركة "تيسلا"، خلال جلسة مباشرة في القمة العالمية للحكومات في دبي في فبراير 2017، إنّه كان ينبغي على واضعي السياسات مراقبة الآثار الحتمية غير المباشرة لاستحواذ الروبوتات والذكاء الاصطناعي على فرص العمل.
كما أضاف بأنّ وتيرة التغير التكنولوجي كانت تقود إلى "تحدٍ اجتماعي ضخم. وأعتقد أنّنا سنضطر في نهاية الأمر إلى تخصيص دخل أساسي عالمي. لا أظن أن هنالك مفر من ذلك".
عالم تسوده الروبوتات
تتصاعد المخاوف بين أوساط الأكاديميين وقادة الأعمال والسياسيين بشأن تأثيرات التطورات التكنولوجية على فرص توظيف الأجيال المقبلة.
وفي حين أن أتمتة وظائف المصانع التي لا تتطلب مهارات عالية تمت منذ زمن بعيد، إلّا أنّ تزايد قدرة الآلات على أداء مهامٍ أكثر تعقيداً تعني أنّها ستشغل وظائف الطبقة المتوسطة جيدة الأجر كمهام الأطباء والمحامين.
وتقول جيني رومتي، الرئيس التنفيذي لشركة "آي بي إم": يعتبر احتمال خلق التكنولوجيا لعدم المساواة عبر تركيز ثروات ضخمة بين أيدي الأقلية، "موضوعاً بالغ الأهمية بالنسبة لنا جميعاً".
وصرّح مسك في القمة المنعقدة في دبي بأنّ الدخل الأساسي العالمي يعني "أنّ جميع العاطلين عن العمل في العالم سيتلقون راتباً".
وأضاف: "تنتشر الآلات والروبوتات في جميع المجالات، مما يؤدي إلى تناقص الوظائف التي لا يمكن للروبوتات إنجازها بشكلٍ أفضل".
جوهر النقاش
على الرغم من وجود تجارب للدخل الأساسي العالمي في جميع أنحاء العالم (رابط لمقال آخر من القمة العالمية للحكومات عن الدخل الأساسي العالمي)، إلّا أنّ نجاحها لا يزال محل جدال دائر، إضافةً إلى مسألة قدرة الحكومات التي تمرّ بضائقة مالية على تحمل تكاليفها.
وأشار النقاد إلى أنّ مثل هذه "المساعدات" التي تقدمها الدول قد تستخدم كعذرٍ لتقديم رواتب أقل، وتقوّض قدرات المفاوضة الجماعية للنقابات، وتعزز الكسل بين الأجيال، وتكلف الدول أموالاً لا تستطيع تحملها.
ويضيف آخرون إلى أنّها ستكون مثبطاً لفكرة العمل وتقدّم أموالاً إضافية للأثرياء إن كانت تُستخدم لتمويل الديون.
حرّرني...
من جهة أخرى، أشار غاي ستاندينغ، مؤلف كتاب "الدخل الأساسي، وكيفية تحقيقه"، إلى أنه سيزيد من حرية العمال في اختيار أعمالهم بما في ذلك "حرية رفض العمل إن كان مرهقاً أو مملاً أو منخفض الأجر أو بغيضاً، وحرية البقاء في عملٍ لا تنطبق عليه أيّ من الصفات المذكورة لكن ما كان يمكن قبوله لو اقتضت الضرورة المالية غير ذلك".
وأضاف قائلاً بأنّ الدخل الأساسي العالمي سيتيح للأفراد القيام بأمور يريدونها أو يتوجب عليهم القيام بها، مثل رعاية أقاربهم، أو القيام بمشاريع إبداعية، أو الدراسة أو إنجاب الأطفال.
ويستشهد ستاندينغ بعبارة لكاتو تقول "إنّ الإنسان يكون في أنشط حالاته عندما لا يقوم بأي شيء"، ويضيف أنّ فترات الكسل تعتبر جيدة للفرد والمجتمع حيث: "قدمت العديد من الشخصيات التاريخية العظيمة مثل غاليليو وآدم سميث مساهماتها للمجتمع في وقت كانوا فيه ’كسالى‘ بالمفهوم الاقتصادي التقليدي".
البحث عن المغزى
قال إيلون مسك أيضا إن التحدي الأصعب سيتمثل في منح الأفراد مغزىً لحياتهم: "يستمد الكثيرون مغزى حياتهم من وظائفهم، وبالتالي، إن لم يكن لديك عمل، وإن لم تكن هناك حاجةٌ إليك... فما المغزى؟ هل تشعر بانعدام الفائدة؟".
إلّا أنّ ستاندينغ يرى بأنّ الدخل الأساسي سيسمح لعدد أكبر من الأفراد بالمضي وراء شغفهم، مما سينتج فوائد كبيرة للمجتمع "من خلال تشجيع ريادة الأعمال... والمشاريع الإبداعية، ومن خلال جهود اجتماعية قيّمة على جميع المستويات".
ويعطي مثالاً عن الكاتبة فيرجينيا وولف التي قالت: "يجب أن تملك المرأة مالاً وغرفة خاصة بها إن أرادت أن تكتب الروايات الخيالية".
كتب ستاندينغ: "ينبغي على مجتمعاتنا منح الأفراد مزيدا من أوقات الفراغ، لا للراحة الشخصية، بل لتعزيز العلاقات مع الأسرة والأصدقاء والمشاركة في الحياة المدنية والسياسية".
"ليس هذا الروبوت دافع الضرائب الذي تبحث عنه..."
يشير ستاندينغ إلى أنّ الدخل الأساسي العالمي سيسهم في الحد من التكاليف الحكومية، حيث أظهرت تجربة هندية طويلة الأمد تحسناً في مجالات التغذية والصحة والحضور المدرسي.
كما حدّت التجربة من عدم المساواة من خلال مساعدة ذوي الإعاقة أكثر من غيرهم، والنساء أكثر من الرجال، والأسر الفقيرة أكثر من الأسر الغنية.
شملت الآثار الاقتصادية الإيجابية تزايد مستويات العمل، والإنتاجية والمخرجات، وحدّت من عدم المساواة، وحققت نمواً في عدد الأفراد العاملين لحسابهم الخاص.
مازالت الحكومات برغم ذلك تشعر بالقلق حيال التكلفة، إذ صوّت السويسريون في عام 2017 ضد خطة لتقديم دخل أساسي يبلغ 1500 دولار أمريكي شهرياً لجميع المواطنين، بعد انتقادات مفادها أنّه قد يسبب تراجع مستوى الخدمات أو فرض ضرائب أعلى.
واقترح آخرون مثل بيل غيتس فرض ضرائب على الروبوتات كوسيلة لتأمين الدخل، إلا أن الاتحاد الأوروبي رفض الفكرة واعتبرها "ضريبةً على التقدم".
ويتسم المستقبل على الدوام بعدم اليقين، فمن المحتمل أن تؤدي الأتمتة إلى زيادة فرص العمل للبشر بدلاً من الحد منها، كما حدث في الثورات الصناعية السابقة.
لكن يترتب على الحكومات أن تخطط لاحتمالية نشوء فئة ساخطة وعاطلة عن العمل بسبب الأتمتة، إن تسببت الروبوتات بفقدان العمال لوظائفهم، وحرمتهم من الدخل.